الأحد، 13 مارس 2016

ذكر نظر الرب تعالى إلى أهل الجنة وتسليمه عليهم وذكر رؤية أهل الجنة ربهم ، عز وجل ، في مثل أيام الجمع في مجتمع لهم معد لذلك هنالك

ذكر نظر الرب تعالى إلى أهل الجنة وتسليمه عليهم 




قال الله تعالى : تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما
 [الأحزاب : 44] .
وقال تعالى : سلام قولا من رب رحيم [ يس : 58 ] .
وقال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه في كتاب السنة من " سننه " : حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا أبو عاصم العباداني ، حدثناالفضل الرقاشي ، عن ابن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور ، فرفعوا رءوسهم ، فإذا الرب سبحانه ، قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة . قال : وذلك قول الله عز وجل : سلام قولا من رب رحيم [ يس : 58 ] .

قال : فينظر إليهم وينظرون إليه ، ولا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه ، حتى يحتجب عنهم ، ويبقى نوره ، وبركته عليهم في ديارهم " . 

وقد رواه البيهقي مطولا من هذا الوجه ؟ فقال : أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، حدثنا أحمد بن عبيد ، حدثنا الكديمي ، حدثنا يعقوب بن إسماعيل أبو يوسف السلال ، حدثنا أبو عاصم العباداني ، عن الفضل بن عيسى الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
" بينما أهل الجنة في مجلس لهم إذ سطع لهم نور على باب الجنة ، فرفعوا رءوسهم ، فإذا الرب تعالى قد أشرف، فقال : يا أهل الجنة ، سلوني . قالوا : نسألك الرضا عنا . قال : رضاي أحلكم داري ، وأنالكم كرامتي ، هذا أوانها ، فسلوني . قالوا : نسألك الزيادة . قال : فيؤتون بنجائب من ياقوت أحمر ، أزمتها زمرد أخضر ، وياقوت أحمر ، فجاءوا عليها تضع حوافرها عند منتهى طرفها ، فيأمر الله ، عز وجل ، بأشجار عليها الثمار ، فتتحفهم من ثمارها ، فتجيء حوار من الحور العين ، وهن يقلن : نحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الخالدات فلا نموت ، أزواج قوم مؤمنين كرام . ويأمر الله بكثبان من مسك أذفر أبيض ، فتثيره عليهم ريح يقال لها : المثيرة . حتى تنتهي بهم إلى جنة عدن ، وهي قصبة الجنة ، فتقول الملائكة : يا ربنا ، قد جاء القوم . فيقول : مرحبا بالصادقين ، مرحبا بالطائعين ، مرحبا بالمتقين . قال : فيكشف لهم الحجاب ، فينظرون إلى الله ، عز وجل ، فيتمتعون بنور الرحمن حتى لا يبصر بعضهم بعضا ، ثم يقول : أرجعوهم إلى قصورهم بالتحف . فيرجعون وقد أبصر بعضهم بعضا .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وذلك قول الله ، عز وجل : نزلا من غفور رحيم [ فصلت : 32 ] . ثم قال البيهقي : وقد مضى في هذا الكتاب ، في كتاب الرؤية ، ما يؤكد ما روي في هذا الحديث . والله أعلم . 

وذكر أبو المعالي الجويني في الرد على السجزي ، أن الرب تعالى إذا كشف الحجاب ، وتجلى لأهل الجنة تدفقت الأنهار ، واصطفقت الأشجار ، وتجاوبت الأطيار والسرر والغرفات وما فيها بالصرير والتعظيم والتسبيحات ، والأعين المتدفقات بالخرير ، واسترسلت الريح المثيرة ، وبثت في الدور والقصور المسك الأذفر ، والكافور ، وغردت الطيور ، وأشرفت الحور . 

والفضل بن عيسى ضعيف ، ولكن روى الضياء من حديث عبد الله بن عبيد الله ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر مرفوعا ، مثله
-----------
ذكر رؤية أهل الجنة ربهم ، عز وجل ، في مثل أيام الجمع في مجتمع لهم معد لذلك هنالك 



قال الله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [ القيامة : 22 ، 23 ] . وقال تعالى : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون إلى قوله : إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون [ المطففين : 15 - 23 ] . وقال تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة [ يونس : 26 ] . فذكر عن الفجار أنهم محجوبون ، وأن الأبرار إليه ينظرون . 

 وقد تقدم في حديث أبي موسى الأشعري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن " . أخرجاه في " الصحيحين " . وفى حديث ابن عمر : " وأعلاهم من ينظر إلى وجه الله ، عز وجل ، في اليوم مرتين " . 

وله شاهد في " الصحيحين " عن جرير بن عبد الله مرفوعا عند ذكر رؤية المؤمنين ربهم ، عز وجل ، يوم القيامة ، كما يرون الشمس والقمر ، قال : " فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب [ق : 39 ] . 

وفي " صحيح البخاري " عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إنكم سترون ربكم عيانا " . فأرشد هذا السياق على أن رؤيته ، عز وجل ، تقع لأهل الجنة في مثل أوقات العبادات ، فكأن المبرزين من المقربين الأخيار يرون الله ، عز وجل ، في مثل طرفي النهار ، بكرة وعشيا ، وهذا مقام عال ، فيرونه سبحانه وهم على أرائكهم ، وسررهم كما يرون القمر ليلة البدر ، فيرونه أيضا غير رؤيتهم إياه في منازلهم في الجنة حيث يجتمع أهل الجنة في واد أفيح - أي متسع - من مسك أبيض ، فيجلسون فيه على قدر منازلهم; فمنهم من يجلس على منابر من نور ، ومنهم من يجلس على منابر من ذهب ، وغير ذلك من أنواع الجواهر وغيرها ، ثم تفاض عليهم النعم والخلع ، وتوضع على رءوسهم التيجان ، وبين أيديهم الموائد مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، ثم يطيبون بأنواع الطيب ، ويخصون بأنواع الكرامات والتحف مما لم يخطر على بال أحد منهم قبل ذلك ، ثم يتجلى لهم الحق سبحانه وتعالى ، ويخاطبهم واحدا واحدا ، كما دلت على ذلك الآيات والأحاديث ، كما سيأتي إيرادها قريبا على رغم أنوف المعتزلة وغيرهم ممن ينكر رؤيته سبحانه في الدار الآخرة . 

وقد حكى بعض العلماء خلافا في النساء : هل يرين الله ، عز وجل ، في الجنة ، كما يراه الرجال ؟ فقيل : لا يرونه ، لأنهن مقصورات في الخيام ، لا يبرزن منها . وقيل : لنقص عقولهن ودينهن ورغبتهن في الدنيا . وقيل : بل يرونه سبحانه; لأنه لا مانع من رؤيته في الخيام والقصور وغيرها . والنساء إذا دخلن الجنة ذهب عنهن ما كان يعتريهن من النقص في الدنيا ، وصرن أزواجا مطهرة من كل أذى وطبن أخلاقا وخلقا ، فلا مانع لهن من رؤيتهن لربهن ، عز وجل . والله سبحانه أعلم . 

وقد قال الله تعالى : إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون
[المطففين : 22 - 23] . وقال تعالى : هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون [ يس : 56 ] . 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنكم سترون ربكم ، عز وجل ، كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " . وهذا عام في الرجال والنساء . والله أعلم . 

وقال بعض العلماء قولا ثالثا ، وهو أنهن يرين الله في مثل أوقات الأعياد; فإنه تعالى يتجلى لأهل الجنة في مثل أيام الأعياد تجليا عاما ، فيرينه في مثل هذه الحال في جملة أهل الجنة . وهذا القول يحتاج إلى دليل خاص . والله أعلم . 

وقد قال الله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة [ يونس : 26 ] . وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين تفسير هذه الزيادة بالنظر إلى وجه الله ، عز وجل; منهم أبو بكر الصديق ، وأبي بن كعب ، وكعب بن عجرة ، وحذيفة بن اليمان ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن عباس ،رضي الله عنهم . ومن التابعين سعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعبد الرحمن بن سابط ، والحسن ، وقتادة ،والضحاك ، والسدي ، وغيرهم من السلف والخلف . 

وقد روي حديث رؤية المؤمنين لربهم ، عز وجل ، في الدار الآخرة عن جماعة من الصحابة ; منهم أبو بكر الصديق - وقد تقدم حديثه مطولا -وعلي بن أبي طالب ، وقد روى حديثه يعقوب بن سفيان ، فقال : حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا سويد بن عبد العزيز ، حدثنا عمرو بن خالد ، عنزيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرى أهل الجنة الرب تعالى في كل جمعة " . وذكر تمام الحديث ، وفيه : " فإذا كشف الحجاب كأنهم لم يروا نعمة قبل ذلك ، وهو قوله تعالى : ولدينا مزيد . ومنهم أبي بن كعب ، وأنس بن مالك ، وبريدة بن الحصيب ، وجابر بن عبد الله ، وجرير بن عبد الله ، وحذيفة ، وزيد بن ثابت ، وسلمان الفارسي ، وأبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري ، وصهيب بن سنان الرومي ، وعبادة بن الصامت ، وأبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي ،وعبد الله بن عباس ، وابن عمر ، وعمارة بن رويبة ، وعبد الله بن عمرو ، وأبو موسى عبد الله بن قيس ، وعبد الله بن مسعود ، وعدي بن حاتم ، وعمار بن ياسر ، وأبو رزين العقيلي ، وأبو هريرة ، ورجل من الصحابة ، وعائشة أم المؤمنين ، رضي الله عنهم أجمعين . 

وقد تقدم كثير منها ، وسيأتي بقيتها مما يليق بهذا المقام إن شاء الله تعالى . وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، أنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة . فقال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه . فيقولون وما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويزحزحنا عن النار ؟ " قال : " فيكشف لهم الحجاب ، فينظرون إليه " قال : " فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، ولا أقر  لأعينهم " . وهكذا رواه مسلم من حديث حماد بن سلمة . 

وقال عبد الله بن المبارك : حدثنا أبو بكر الهذلي ، أخبرني أبو تميمة الهجيمي ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصرة ويقول : إن الله يبعث يوم القيامة ملكا إلى أهل الجنة ، فيقول : يا أهل الجنة ، هل أنجزكم الله ما وعدكم ؟ فينظرون ، فيرون الحلي والحلل والثمار والأنهار والأزواج المطهرة ، فيقولون : نعم ، قد أنجزنا الله ما وعدنا . قالوا ذلك ثلاث مرات ، فيقول : قد بقي شيء; إن الله يقول : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة . ألا إن الحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله ، عز وجل . هكذا ذكره موقوفا . 

وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم حديث أبي تميمة الهجيمي ، عن أبي موسى الأشعري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي أهل الجنة بصوت يسمع أولهم وآخرهم ، إن الله وعدكم الحسنى وزيادة ، الحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الرحمن" . 

ورواه ابن جرير من حديث زهير عمن سمع أبا العالية ، حدثنا أبي بن كعب أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال : " الحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله " . 

 ورواه ابن جرير أيضا عن ابن حميد ، عن إبراهيم بن المختار ، عن ابن جريج ، عن عطاء عن كعب بن عجرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الزيادة النظر إلى وجه الرحمن ، عز وجل " . 

وقال الحسن بن عرفة : حدثنا سلم بن سالم ، عن نوح بن أبي مريم ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة . قال : " للذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى ، وهي الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله ، عز وجل" . سلم وشيخه نوح بن أبي مريم متكلم فيهما . والله أعلم . 

وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي في كتاب الجمعة من " مسنده " : أخبرنا إبراهيم بن محمد ، حدثني موسى بن عبيدة ، حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، أنه سمع أنس بن مالك يقول : أتى جبريل بمرآة بيضاء فيها وكتة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما هذه ؟ . فقال : هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك ، فالناس لكم فيها تبع ، اليهودوالنصارى ، ولكم فيها خير ، وفيها ساعة لا يوافقها  مؤمن يدعو الله بخير ، إلا استجيب له ، وهو عندنا يوم المزيد . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا جبريل ، ما يوم المزيد ؟ " قال : إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثب مسك ، فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله ما شاء من ملائكته وحوله منابر من نور ، عليها مقاعد للنبيين ، وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد ، عليها الشهداء والصديقون ، فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب ، فيقول الله ، عز وجل : أنا ربكم قد صدقتكم وعدي ، فسلوني أعطكم . فيقولون : ربنا نسألك رضوانك . فيقول : قد رضيت عنكم ، ولكم علي ما تمنيتم ، ولدي مزيد . فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير ، وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش ، وفيه خلق آدم ، وفيه تقوم الساعة . 

وقد رواه البزار من حديث جهضم بن عبد الله ، عن أبي طيبة ، عن عثمان بن عمير ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل وفي يده مرآة بيضاء فيها نكتة سوداء ، فقلت : ما هذه يا جبريل ؟ قال : هذه الجمعة يعرضها عليك ربك ; لتكون لك عيدا ولقومك من بعدك ، تكون أنت الأول ، وتكون اليهود والنصارى من بعدك قال : " ما لنا فيها ؟ قال : لكم فيها خير ، لكم فيها ساعة ، من دعا ربه فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه إياه ، أو ليس له بقسم إلا ادخر له ما هو أعظم منه ، أو تعوذ فيها من شر هو عليه مكتوب إلا أعاذه من أعظم منه " . قال : " قلت : ما هذه النكتة السوداء ؟ قال : هي الساعة تقوم يوم الجمعة ، وهو سيد الأيام عندنا ، ونحن ندعوه في الآخرة يوم  المزيد . قلت : وما يوم المزيد ؟ قال : إن ربك اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة نزل تعالى من عليين على كرسيه ، ثم حف الكرسي بمنابر من نور ، وجاء النبيون حتى يجلسوا عليها ، ثم حف المنابر بكراسي من ذهب ، ثم جاء الصديقون والشهداء حتى يجلسوا عليها ، ثم يجيء أهل الجنة حتى يجلسوا على الكثب ، فيتجلى لهم ربهم ، عز وجل ، حتى ينظروا إلى وجهه ، وهو يقول : أنا الذي صدقتكم وعدي ، وأتممت عليكم نعمتي ، هذا محل كرامتي ، فسلوني . فيسألونه الرضا فيقول : رضائي أحلكم داري وأنالكم كرامتي ، فسلوني . فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم ، فيفتح لهم عند ذلك ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر إلى مقدار منصرف الناس من الجمعة ، ثم يصعد تعالى على كرسيه ، ويصعد معه الشهداء والصديقون - أحسبه قال - ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم درة بيضاء لا قصم فيها ولا فصم ، أو ياقوتة حمراء ، أو زبرجدة خضراء منها غرفها وأبوابها مطردة فيها أنهارها متدلية فيها ثمارها ، فيها أزواجها وخدمها ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ; ليزدادوا فيه كرامة ، ويزدادوا نظرا إلى وجهه تعالى ، ولذلك سمي يوم المزيد " . 

ثم قال البزار : لا نعلم أحدا رواه عن أنس غير عثمان بن عمير أبي اليقظان ، وعثمان بن صالح . 

 هكذا قال ، وقد رويناه من طريق زياد بن خيثمة ، عن عثمان بن أبي مسلم ، عن أنس ، فذكر الحديث بطوله مثل هذا السياق ، أو نحوه . 

وتقدم في رواية الشافعي ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير عنه ، فقد اختلف الرواة فيه ، وكان بعضهم يدلسه ، لئلا يعلم أمره ، وذلك لما يتوهم من ضعفه . والله أعلم . 

وقد رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " ، عن شيبان بن فروخ ، عن الصعق بن حزن ، عن علي بن الحكم البناني ، عن أنس ، فذكر الحديث ، فهذه طرق جيدة عن أنس ، وهي شاهدة لرواية عثمان بن عمير . 

وقد اعتنى بهذا الحديث الدارقطني ، فأورده من طرق ، قال الحافظ الضياء : وقد روي من طريق جيد ، وهي شاهدة لرواية عثمان بن عمير عنأنس ، رواه الطبراني ، عن أحمد بن زهير ، عن محمد بن عثمان بن كرامة ، عن خالد بن مخلد القطواني ، عن عبد السلام بن حفص ، عن أبي عمران الجوني ، عن أنس ، فذكره . 

وقد رواه غير أنس من الصحابة ، قال البزار حدثنا محمد بن معمر ، وأحمد بن عمر والعصفري ، قالا : حدثنا يحيى بن كثير العنبري ، حدثنا إبراهيم بن المبارك ، عن القاسم بن مطيب ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل " فذكر يوم المزيد . قال : " فيوحي الله ، عز وجل ، إلى حملة العرش أن يرفعوا الحجب فيما بينهم وبينه ، فيكون أول ما يسمعون منه : أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني ، وصدقوا رسلي واتبعوا أمري ، سلوني فهذا يوم المزيد . فيجتمعون على كلمة واحدة ؟ أن رضينا عنك ، فارض عنا . فيرجع في قوله : يا أهل الجنة ، إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي ، هذا يوم المزيد ، فسلوني . فيجتمعون على كلمة واحدة : أرنا وجهك يا رب ننظر إليه . قال : فيكشف الحجب ، فيتجلى لهم ، فيغشاهم من نوره ما لولا أن الله قضى أن لا يموتوا لاحترقوا ، ثم يقال لهم : ارجعوا إلى منازلكم . فيرجعون إلى منازلهم ولهم في كل سبعة أيام يوم يتجلى لهم فيه ، وذلك يوم الجمعة "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق