الجنة والنار عياذا بالله الواحد

حمل المصحف
9 مصاحف روابط 9 مصاحف
/ /////

الاثنين، 23 مايو 2016

إذا قام الناس من قبورهم وجدوا الأرض غير صفة الأرض التي كانوا فيها

( إذا قام الناس من قبورهم وجدوا الأرض غير صفة الأرض التي كانوا فيها )

فإذا قام الناس من قبورهم وجدوا الأرض غير صفة الأرض التي كانوا فيها وفارقوها ، قد دكت جبالها ، وزالت تلالها ، وتغيرت أحوالها ، وانقطعت أنهارها ، وبادت أشجارها ، ومساكنها ، ومدنها ، وبلادها ، وسجرت بحارها ، وتساوت وهادها ، ورباها ، وخربت مدائنها ، وقراها ، وزالت قصورها ، وبيوتها ، وأسواقها ، وزلزلت زلزالها ، وأخرجت أثقالها ، وقال الإنسان : مالها ؟! يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ، وكذلك يجدون السماوات قد بدلت ، ونجومها قد انكدرت وانتثرت ، ونواحيها قد تشققت ، وأرجاؤها قد تفطرت ، والملائكة على أرجائها قد أحدقت ، وشمسها وقمرها مكسوفان ، بل مخسوفان ، وفي مكان واحد مجموعان ، ثم يكوران بعد ذلك ، ثم يلقيان في النار ، كما في الحديث الذي سنورده في " النيران " كأنهما ثوران عقيران .

قال أبو بكر بن عياش : قال ابن عباس : يخرجون من قبورهم ، فينظرون إلى الأرض غير الأرض التي عهدوها ، وإلى الناس غير الناس الذين كانوا يعرفون ويعهدون . قال : ثم تمثل ابن عباس :
  فما الناس   بالناس الذين عهدتهم 
 ولا  الدار  بالدار التي  كنت تعرف 

وقد قال تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار [ إبراهيم : 48 ] . وقال : يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا الطور : [ 9 ، 10 ] . وقال : فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان [ ص: 397 ] [ الرحمن : 137 ] . وقال : وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة [ الحاقة : 14 ، 15 ] . وقال تعالى : إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت الآيات [ التكوير : 1 - 3 ] .

وثبت في " الصحيحين " من حديث أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ، ليس فيها معلم لأحد " .

وقال محمد بن قيس ، وسعيد بن جبير : تبدل الأرض خبزة بيضاء ، يأكل منها المؤمن من تحت قدميه .

وقال الأعمش ، عن خيثمة ، عن ابن مسعود ، قال : الأرض كلها يوم القيامة نار ، والجنة من ورائها ترى كواعبها وأكوابها ، ويلجمهم العرق ، ويبلغ منهم كل مبلغ ، ولم يبلغوا الحساب . وكذا رواه الأعمش عن المنهال ، عن قيس بن السكن ، عن ابن مسعود ، فذكره .

وقال إسرائيل وشعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن مسعود ، قال : يوم تبدل الأرض غير الأرض [ إبراهيم : 48 ] . قال : أرض بيضاء كالفضة البيضاء ، نقية لم يسفك فيها دم ، ولم يعمل فيها خطيئة ، ينفذهم [ ص: 398 ] البصر ، ويسمعهم الداعي ، حفاة عراة كما خلقوا . أراه قال : قياما حتى يلجمهم العرق .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا القاسم بن الفضل ، قال : قال الحسن : قالت عائشة : يا رسول الله ، أرأيت قوله تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات أين يكون الناس؟ قال : " إن هذا لشيء ما سألني عنه أحد من أمتي قبلك؟ الناس على الصراط " . تفرد به أحمد .

ورواه ابن أبي الدنيا : أخبرنا علي بن الجعد ، أخبرنا القاسم بن الفضل ، سمعت الحسن ، قال : قالت عائشة ، فذكره . ورواه قتادة ، عن حسان بن بلال المزني ، عن عائشة ، بمثل هذا سواء .

وقال ابن أبي الدنيا : أنبأ عبيد الله بن جرير العتكي ، حدثنا محمد بن بكار الصيرفي ، أنبأ الفضل بن معروف القطعي ، أخبرنا بشر بن حرب ، عن أبي سعيد ، عن عائشة ، قالت : بينما النبي صلى الله عليه وسلم واضع رأسه في حجري بكيت فرفع رأسه ، فقال : " ما أبكاك ؟ " قلت : بأبي أنت وأمي ، ذكرت قول الله : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات . أين الناس يومئذ ؟ قال : " الناس يومئذ على جسر جهنم ، والملائكة وقوف تقول : رب سلم سلم . فمن بين زال وزالة " . هذا حديث غريب من هذا الوجه ، لم يخرجه أحمد ، ولا أحد من [ ص: 399 ] أصحاب الكتب الستة .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن داود ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، أنها قالت : أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات . قالت : قلت : أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال : " على الصراط " .

وأخرجه مسلم ، والترمذي ، وابن ماجه ، من حديث داود بن أبي هند . وقال الترمذي : حسن صحيح . ورواه أحمد ، عن عفان ، عن وهيب ، عن داود ، عن الشعبي ، عنها ، ولم يذكر مسروقا .

ورواه أحمد أيضا من حديث حبيب بن أبي عمرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن عائشة ، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، ثم قالت : أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال : " هم على متن جهنم " .

وروى مسلم من حديث أبي سلام ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان ، أن حبرا من اليهود سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم في الظلمة دون الجسر " .

[ ص: 400 ] وقال ابن جرير : حدثني ابن عوف ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي ، عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود ، فقال : أرأيت إذ يقول الله في كتابه : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات فأين الخلق عند ذلك؟ فقال : " أضياف الله ، فلن يعجزهم ما لديه " . وكذا رواه ابن أبي حاتم ، من حديث أبي بكر بن أبي مريم .

وقد يكون هذا التبديل بعد المحشر ، ويكون تبديلا ثانيا إلى صفة أخرى غير الأولى ، وبعدها ، والله سبحانه أعلم ، كما قال ابن أبي الدنيا : أخبرنا يوسف بن موسى ، حدثنا وكيع ، حدثنا شعبة ، عن المغيرة بن مالك ، عن رجل من بني مجاشع ، يقال له : عبد الكريم . أو يكنى بأبي عبد الكريم ، قال : أقامني على رجل بخراسان ، فقال : حدثني هذا أنه سمع علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، يقول : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات قال : ذكر لنا أن الأرض تبدل فضة ، والسماوات ذهبا . وكذا روي عن ابن عباس ، وأنس بن مالك ، ومجاهد بن جبر وغيرهم ، والله سبحانه أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق