طول يوم القيامة ، وما ورد في مقداره
قال الله سبحانه : ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ الحج : 47 ] . قال بعض المفسرين : هو يوم القيامة .
وقال تعالى : سأل سائل بعذاب واقع إلى قوله : فاصبر صبرا جميلا [ المعارج : 1 - 5 ] .
وقد ذكرنا في " التفسير " اختلاف السلف والخلف في معنى هذه الآية ، فروى ليث بن أبي سليم وغيره ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أنه قال : ذلك مقدار ما بين العرش إلى الأرض السابعة
وقال ابن عباس في قوله : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون [ السجدة : 5 ] . يعني بذلك نزول الأمر من السماء إلى الأرض ، ومن الأرض إلى السماء ، لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام . رواه ابن أبي حاتم .
ورواه ابن جرير ، عن مجاهد أيضا ، وذهب إليه الفراء ، وقاله أبو عبد الله الحليمي ، فيما حكاه عنه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب " البعث [ ص: 402 ] والنشور " ، قال الحليمي : فالملك يقطع هذه المسافة في بعض يوم ، ولو أنها مسافة يمكن البشر قطعها لم يتمكن أحد من قطعها إلا في مقدار خمسين ألف سنة . قال : وليس هذا من تقدير يوم القيامة بسبيل ، بل هذا مقدار ما بين العرش إلى الأرض السابعة . ورجح الحليمي هذا بقوله تعالى : من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه [ المعارج : 3 ، 4 ] وذي المعارج : أي العلو والعظمة ، كما قال تعالى : رفيع الدرجات ذو العرش [ غافر : 15 ] ثم فسر ذلك بقوله : تعرج الملائكة والروح إليه أي في مسافة كان مقدارها خمسين ألف سنة ، أي بعدها واتساعها هذه المدة .
فعلى هذا القول المراد بذلك : مسافة المكان . هذا قول . وقد حاول البيهقي الجمع بين هذه الآية وبين قوله : رفيع الدرجات بأن الملائكة تقطع هذه المسافة في الدنيا في ألف سنة ، فإذا كان يوم القيامة لا تقطعها إلا في خمسين ألف سنة؟ لما يشاهدون من هول ذلك اليوم ، وعظمته ، وغضب الرب عز وجل ، والله أعلم .
والقول الثاني : أن المراد بذلك مدة عمر الدنيا .
قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في " تفسيره " : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا ابن أبي زائدة ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : كان مقداره خمسين ألف سنة . قال : الدنيا عمرها خمسون [ ص: 403 ] ألف سنة ، ذلك عمرها يوم سماها الله تعالى يوما : تعرج الملائكة والروح إليه قال : اليوم الدنيا .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وعن الحكم بن أبان ، عن عكرمة : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قالا : الدنيا من أولها إلى آخرها خمسون ألف سنة ، لا يدري أحد كم مضى ، ولا كم بقي إلا الله ، عز وجل . وذكره البيهقي من طريق محمد بن ثور ، عن معمر ، به . وهذا قول غريب جدا ، لا يوجد في كثير من الكتب المشهورة ، والله أعلم . القول الثالث : أن المراد بذلك فصل ما بين الدنيا ويوم القيامة . وهو مدة المقام في البرزخ . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن كعب القرظي ، وهو غريب أيضا
القول الرابع : أن المراد بذلك مقدار الفصل بين العباد يوم القيامة . قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة . قال : يوم القيامة . إسناده صحيح . ورواه الثوري ، عن سماك ، عن عكرمة من قوله ، وبه قال الحسن ، والضحاك ، وابن زيد .
[ ص: 404 ] وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن إدريس ، حدثنا الحسن بن واقع ، حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن يزيد الرشك ، قال : يقوم الناس يوم القيامة أربعين ألف سنة ، ويقضى بينهم في مقدار عشرة آلاف سنة .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة . وقال الكلبي في " تفسيره " ، وهو يرويه عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : لو ولي محاسبة العباد غير الله تعالى لم يفرغ في خمسين ألف سنة .
وقال البيهقي : وفيما ذكر حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : قال الحسن : ما ظنك بيوم قام العباد فيه على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة ، لم يأكلوا فيها أكلة ، ولم يشربوا فيها شربة ، حتى تقطعت أعناقهم عطشا ، واحترقت أجوافهم جوعا ، ثم انصرف بهم إلى النار ، فسقوا من عين آنية ، قد أنى حرها ، واشتد نضجها . وقد ورد هذا في أحاديث متعددة ، فالله أعلم .
قال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ ما أطول هذا اليوم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، إنه ليخفف على المؤمن ، حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة [ ص: 405 ] يصليها في الدنيا " . ورواه ابن جرير في " تفسيره " ، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن دراج ، به . ودراج أبو السمح وشيخه أبو الهيثم سليمان بن عمرو العتواري ، ضعيفان ، على أنه قد رواه البيهقي بلفظ آخر ، وقال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدثنا أبو سلمة الخزاعي ، حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي - وكان رجلا من الخائفين - قال : سمعت دراجا أبا السمح يخبر عمن حدثه ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أخبرني من يقوى على القيام يوم القيامة الذي قال الله تعالى : يوم يقوم الناس لرب العالمين المطففين : 6 فقال : " يخفف على المؤمن حتى يكون كالصلاة المكتوبة " .
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : إن للمؤمنين يوم القيامة كراسي من نور ، يجلسون عليها ، ويظلل عليهم الغمائم ، ويكون يوم القيامة عليهم كساعة من نهار ، أو كأحد طرفيه . رواه ابن أبي الدنيا في " الأهوال " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل ، حدثنا حماد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعل كنزه صفائح يحمى عليها في نار جهنم ، فتكوى بها [ ص: 406 ] جبهته ، وجنبه ، وظهره ، حتى يحكم الله بين عباده ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة ، وإما إلى النار . . . " . وذكر بقية الحديث في مانع زكاة الغنم ، والإبل ، أنه يبطح لها بقاع قرقر ، تطؤه بأخفافها وأظلافها ، وتنطحه بقرونها ، كلما مرت عليه أخراها أعيدت عليه أولاها ، حتى يقضي الله بين العباد ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار .
وهكذا رواه أبو داود الطيالسي في " مسنده " : أخبرنا وهيب بن خالد ، وكان ثقة ، حدثنا سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه . وأخرجه مسلم من حديث روح بن القاسم ، وعبد العزيز بن المختار ، كلاهما عن سهيل ، به مثله . وأخرجه مسلم أيضا من حديث زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مرفوعا في الذهب ، والفضة ، والإبل ، والبقر ، والغنم .
وقد رواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، من حديث شعبة ، والنسائي من حديث سعيد بن أبي عروبة ، كلاهما عن قتادة ، عن أبي عمر الغداني ، عن أبي هريرة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كانت له إبل لا يعطي حقها في [ ص: 407 ] نجدتها ورسلها - يعني في عسرها ويسرها - فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وآشره ، حتى يبطح لها بقاع قرقر ، فتطؤه بأخفافها ، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله . وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها ، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وآشره ، ثم يبطح لها بقاع قرقر ، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها ، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها ، ليس فيها عقصاء ولا عضباء ، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله . وإذا كان له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها ، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وآشره ، حتى يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها ، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها ، ليس فيها عقصاء ولا عضباء ، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله " .
قال البيهقي : وهذا لا يحتمل إلا تقدير ذلك اليوم بخمسين ألف سنة مما تعدون ، والله أعلم ، ثم لا يكون ذلك كذلك إلا على الذي لا يغفر له ، فأما من غفر له ذنبه من المؤمنين ، فقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا الحسن بن [ ص: 408 ] محمد بن حليم ، أخبرنا أبو الموجه ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، هو ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن أبي هريرة ، قال : يوم القيامة على المؤمنين كقدر ما بين الظهر والعصر . ثم قال : هذا هو المحفوظ ، وقد روي مرفوعا ، أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، حدثني عبد الله بن عمر بن علي الجوهري بمرو ، حدثنا يحيى بن ساسويه بن عبد الكريم ، حدثنا سويد بن نصر ، حدثنا ابن المبارك ، فذكره بإسناده مرفوعا .
وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا حرملة بن يحيى ، حدثنا ابن وهب ، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة ، عن أبي هانئ ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : يوم يقوم الناس لرب العالمين [ المطففين : 6 ] . قال : " كيف بكم إذا جمعكم الله كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة لا ينظر إليكم " .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا حمزة بن العباس ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا سفيان ، عن ميسرة ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء ، ثم قرأ : ( ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ) . قال ابن المبارك : هكذا هي في قراءة ابن مسعود .
[ ص: 409 ] ثم قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن ميسرة النهدي ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود في قوله : [ الفرقان : 24 ] . قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء
قال الله سبحانه : ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ الحج : 47 ] . قال بعض المفسرين : هو يوم القيامة .
وقال تعالى : سأل سائل بعذاب واقع إلى قوله : فاصبر صبرا جميلا [ المعارج : 1 - 5 ] .
وقد ذكرنا في " التفسير " اختلاف السلف والخلف في معنى هذه الآية ، فروى ليث بن أبي سليم وغيره ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أنه قال : ذلك مقدار ما بين العرش إلى الأرض السابعة
وقال ابن عباس في قوله : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون [ السجدة : 5 ] . يعني بذلك نزول الأمر من السماء إلى الأرض ، ومن الأرض إلى السماء ، لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام . رواه ابن أبي حاتم .
ورواه ابن جرير ، عن مجاهد أيضا ، وذهب إليه الفراء ، وقاله أبو عبد الله الحليمي ، فيما حكاه عنه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب " البعث [ ص: 402 ] والنشور " ، قال الحليمي : فالملك يقطع هذه المسافة في بعض يوم ، ولو أنها مسافة يمكن البشر قطعها لم يتمكن أحد من قطعها إلا في مقدار خمسين ألف سنة . قال : وليس هذا من تقدير يوم القيامة بسبيل ، بل هذا مقدار ما بين العرش إلى الأرض السابعة . ورجح الحليمي هذا بقوله تعالى : من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه [ المعارج : 3 ، 4 ] وذي المعارج : أي العلو والعظمة ، كما قال تعالى : رفيع الدرجات ذو العرش [ غافر : 15 ] ثم فسر ذلك بقوله : تعرج الملائكة والروح إليه أي في مسافة كان مقدارها خمسين ألف سنة ، أي بعدها واتساعها هذه المدة .
فعلى هذا القول المراد بذلك : مسافة المكان . هذا قول . وقد حاول البيهقي الجمع بين هذه الآية وبين قوله : رفيع الدرجات بأن الملائكة تقطع هذه المسافة في الدنيا في ألف سنة ، فإذا كان يوم القيامة لا تقطعها إلا في خمسين ألف سنة؟ لما يشاهدون من هول ذلك اليوم ، وعظمته ، وغضب الرب عز وجل ، والله أعلم .
والقول الثاني : أن المراد بذلك مدة عمر الدنيا .
قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في " تفسيره " : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا ابن أبي زائدة ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : كان مقداره خمسين ألف سنة . قال : الدنيا عمرها خمسون [ ص: 403 ] ألف سنة ، ذلك عمرها يوم سماها الله تعالى يوما : تعرج الملائكة والروح إليه قال : اليوم الدنيا .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وعن الحكم بن أبان ، عن عكرمة : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قالا : الدنيا من أولها إلى آخرها خمسون ألف سنة ، لا يدري أحد كم مضى ، ولا كم بقي إلا الله ، عز وجل . وذكره البيهقي من طريق محمد بن ثور ، عن معمر ، به . وهذا قول غريب جدا ، لا يوجد في كثير من الكتب المشهورة ، والله أعلم . القول الثالث : أن المراد بذلك فصل ما بين الدنيا ويوم القيامة . وهو مدة المقام في البرزخ . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن كعب القرظي ، وهو غريب أيضا
القول الرابع : أن المراد بذلك مقدار الفصل بين العباد يوم القيامة . قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة . قال : يوم القيامة . إسناده صحيح . ورواه الثوري ، عن سماك ، عن عكرمة من قوله ، وبه قال الحسن ، والضحاك ، وابن زيد .
[ ص: 404 ] وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن إدريس ، حدثنا الحسن بن واقع ، حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن يزيد الرشك ، قال : يقوم الناس يوم القيامة أربعين ألف سنة ، ويقضى بينهم في مقدار عشرة آلاف سنة .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة . وقال الكلبي في " تفسيره " ، وهو يرويه عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : لو ولي محاسبة العباد غير الله تعالى لم يفرغ في خمسين ألف سنة .
وقال البيهقي : وفيما ذكر حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : قال الحسن : ما ظنك بيوم قام العباد فيه على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة ، لم يأكلوا فيها أكلة ، ولم يشربوا فيها شربة ، حتى تقطعت أعناقهم عطشا ، واحترقت أجوافهم جوعا ، ثم انصرف بهم إلى النار ، فسقوا من عين آنية ، قد أنى حرها ، واشتد نضجها . وقد ورد هذا في أحاديث متعددة ، فالله أعلم .
قال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ ما أطول هذا اليوم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، إنه ليخفف على المؤمن ، حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة [ ص: 405 ] يصليها في الدنيا " . ورواه ابن جرير في " تفسيره " ، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن دراج ، به . ودراج أبو السمح وشيخه أبو الهيثم سليمان بن عمرو العتواري ، ضعيفان ، على أنه قد رواه البيهقي بلفظ آخر ، وقال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدثنا أبو سلمة الخزاعي ، حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي - وكان رجلا من الخائفين - قال : سمعت دراجا أبا السمح يخبر عمن حدثه ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أخبرني من يقوى على القيام يوم القيامة الذي قال الله تعالى : يوم يقوم الناس لرب العالمين المطففين : 6 فقال : " يخفف على المؤمن حتى يكون كالصلاة المكتوبة " .
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : إن للمؤمنين يوم القيامة كراسي من نور ، يجلسون عليها ، ويظلل عليهم الغمائم ، ويكون يوم القيامة عليهم كساعة من نهار ، أو كأحد طرفيه . رواه ابن أبي الدنيا في " الأهوال " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل ، حدثنا حماد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعل كنزه صفائح يحمى عليها في نار جهنم ، فتكوى بها [ ص: 406 ] جبهته ، وجنبه ، وظهره ، حتى يحكم الله بين عباده ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة ، وإما إلى النار . . . " . وذكر بقية الحديث في مانع زكاة الغنم ، والإبل ، أنه يبطح لها بقاع قرقر ، تطؤه بأخفافها وأظلافها ، وتنطحه بقرونها ، كلما مرت عليه أخراها أعيدت عليه أولاها ، حتى يقضي الله بين العباد ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار .
وهكذا رواه أبو داود الطيالسي في " مسنده " : أخبرنا وهيب بن خالد ، وكان ثقة ، حدثنا سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه . وأخرجه مسلم من حديث روح بن القاسم ، وعبد العزيز بن المختار ، كلاهما عن سهيل ، به مثله . وأخرجه مسلم أيضا من حديث زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مرفوعا في الذهب ، والفضة ، والإبل ، والبقر ، والغنم .
وقد رواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، من حديث شعبة ، والنسائي من حديث سعيد بن أبي عروبة ، كلاهما عن قتادة ، عن أبي عمر الغداني ، عن أبي هريرة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كانت له إبل لا يعطي حقها في [ ص: 407 ] نجدتها ورسلها - يعني في عسرها ويسرها - فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وآشره ، حتى يبطح لها بقاع قرقر ، فتطؤه بأخفافها ، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله . وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها ، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وآشره ، ثم يبطح لها بقاع قرقر ، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها ، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها ، ليس فيها عقصاء ولا عضباء ، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله . وإذا كان له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها ، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وآشره ، حتى يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها ، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها ، ليس فيها عقصاء ولا عضباء ، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله " .
قال البيهقي : وهذا لا يحتمل إلا تقدير ذلك اليوم بخمسين ألف سنة مما تعدون ، والله أعلم ، ثم لا يكون ذلك كذلك إلا على الذي لا يغفر له ، فأما من غفر له ذنبه من المؤمنين ، فقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا الحسن بن [ ص: 408 ] محمد بن حليم ، أخبرنا أبو الموجه ، أخبرنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، هو ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن أبي هريرة ، قال : يوم القيامة على المؤمنين كقدر ما بين الظهر والعصر . ثم قال : هذا هو المحفوظ ، وقد روي مرفوعا ، أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، حدثني عبد الله بن عمر بن علي الجوهري بمرو ، حدثنا يحيى بن ساسويه بن عبد الكريم ، حدثنا سويد بن نصر ، حدثنا ابن المبارك ، فذكره بإسناده مرفوعا .
وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا حرملة بن يحيى ، حدثنا ابن وهب ، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة ، عن أبي هانئ ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : يوم يقوم الناس لرب العالمين [ المطففين : 6 ] . قال : " كيف بكم إذا جمعكم الله كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة لا ينظر إليكم " .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا حمزة بن العباس ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا سفيان ، عن ميسرة ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء ، ثم قرأ : ( ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ) . قال ابن المبارك : هكذا هي في قراءة ابن مسعود .
[ ص: 409 ] ثم قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن ميسرة النهدي ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود في قوله : [ الفرقان : 24 ] . قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق