ذكر الصراط غير ما ذكر آنفا من الأحاديث الصحيحة
ثم ينتهي الناس بعد مفارقتهم مكان الموقف إلى الظلمة التي دون الصراط - وهو جسر على جهنم - كما تقدم عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال : " هم في الظلمة دون الجسر " . وفي هذا الموضع يميز المنافقون عن المؤمنين ، ويتخلفون عنهم ، ويسبقهم المؤمنون ، ويحال بينهم وبينهم بسور يمنعهم من الوصول [ ص: 81 ] إليهم ، كما قال تعالى : يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير [ الحديد 12 - 15 ] . وقال تعالى يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير [ التحريم : 8 ] .
وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني في كتاب " الأفراد " : حدثنا محمد بن مخلد بن حفص ، ومحمد بن أحمد المطيري ، قالا : حدثنا محمد بن حمزة بن زياد الطوسي ، حدثنا أبي ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن عبيد المكتب ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جهنم محيطة بالدنيا ، والجنة من ورائها ; ولذلك صار الصراط على جهنم طريقا إلى الجنة " . ثم قال : غريب من حديث مجاهد ، عن ابن عمر ، لم يروه عن عبيد المكتب ، غير قيس ، وتفرد به حمزة بن زياد ، عنه .
[ ص: 82 ] وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ، والحسن بن يعقوب ، وإبراهيم بن عصمة ، قالوا : حدثنا السري بن خزيمة ، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني ، حدثنا المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : " يجمع الله الناس يوم القيامة فينادي مناد : يا أيها الناس ، ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم أن يولي كل إنسان منكم من كان يتولى في الدنيا ؟ قال : فيمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير ، حتى يمثل لهم الشجرة والعود والحجر ، ويبقى أهل الإسلام جثوما ، فيقال لهم : ما لكم لم تنطلقوا ، كما انطلق الناس ؟ فيقولون : إن لنا ربا ما رأيناه بعد . قال : فيقال : فبم تعرفون ربكم إن رأيتموه ؟ قالوا : بيننا وبينه علامة إن رأيناه عرفناه . قيل : وما هي ؟ قالوا : فيكشف عن ساق . قال : فيكشف عند ذلك عن ساق . قال : فيخر من كان يعبده ساجدا ، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر ، يريدون السجود فلا يستطيعون . قال : ثم يؤمرون فيرفعون رءوسهم ، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم . قال : فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى نوره دون ذلك بيمينه ، حتى يكون آخر من يعطى نوره على إبهام قدمه ، يضيء مرة ويطفأ مرة ، [ ص: 83 ] إذا أضاء قدم قدمه ، وإذا طفئ قام . قال : فيمرون على الصراط ، والصراط كحد السيف ، دحض مزلة . قال : فيقال لهم : امضوا على قدر نوركم ، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ، ومنهم من يمر كالطرف ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كشد الرجل ومنهم من يرمل رملا ، فيمرون على قدر أعمالهم ، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه ، تخر يد وتعلق يد ، وتخر رجل وتعلق رجل وتصيب جوانبه النار . قال : فيخلصون ، فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله الذي نجانا منك بعد الذي أراناك ، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا " .
قال مسروق : فما بلغ عبد الله هذا المكان من الحديث إلا ضحك ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، لقد حدثت بهذا الحديث مرارا ، كلما بلغت هذا المكان من هذا الحديث ضحكت ؟! فقال عبد الله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثه مرارا ، فما بلغ هذا المكان من الحديث إلا ضحك ، حتى تبدو لهواته ، ويبدو آخر ضرس من أضراسه ، لقول الإنسان : أتهزأ بي وأنت رب العالمين ؟ فيقول : لا ، ولكني على ذلك قادر .
قال البيهقي : هكذا وجدته في كتابي . وقد رواه غيره ، فذكر آخر من يدخل الجنة ، وقوله تعالى له : " يا بن آدم ، أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ فيقول : أتهزأ بي وأنت رب العالمين ؟ قال ابن مسعود : فيقول الله سبحانه : " لا ، ولكني على ذلك قادر " .
[ ص: 84 ] وقد أورده البيهقي بعد هذا من حديث حماد بن سلمة ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، فذكره موقوفا .
وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا أبو سعيد المؤدب ، عن زياد النميري ، عن أنس بن مالك ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " الصراط كحد الشفرة ، أو كحد السيف ، وإن الملائكة ينجون المؤمنين والمؤمنات ، وإن جبريل ، عليه السلام ، لآخذ بحجزتي ، وإني لأقول : يا رب سلم سلم ، فالزالون ، والزالات يومئذ كثير " .
وروى البيهقي من حديث سعيد بن زربي ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس ، مرفوعا نحو ما تقدم بأبسط منه ، وإسناده ضعيف ، ولكن يتقوى بما قبله . والله أعلم .
وقال الثوري : عن حصين ، عن مجاهد ، عن جنادة بن أبي أمية ، قال : إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم ، وسيماكم ، وحلاكم ، ونجواكم ، ومجالسكم ، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا فلان ، هذا نورك ، يا فلان ، لا نور لك . وقرأ : يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم [ الحديد : 12 ] وقال الضحاك : [ ص: 85 ] ليس أحد إلا يعطى نورا يوم القيامة ، فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين ، فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم ، كما طفئ نور المنافقين ، فقالوا : ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير [ التحريم : 8 ] .
وقال إسحاق بن بشر أبو حذيفة : حدثنا ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم سترا منه على عباده ، وأما عند الصراط فإن الله يعطي كل مؤمن نورا ، وكل منافق نورا ، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات ، فقال المنافقون والمنافقات للمؤمنين : انظرونا نقتبس من نوركم [ الحديد : 13 ] . وقال المؤمنون : ربنا أتمم لنا نورنا [ التحريم : 18 ] . فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، أخبرنا عمي ، أنبأنا يزيد بن أبي حبيب ، عن سعد بن مسعود ، أنه سمع عبد الرحمن بن جبير ، يحدث أنه سمع أبا الدرداء ، وأبا ذر يخبران عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا [ ص: 86 ] أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة ، وأول من يؤذن له برفع رأسه ، فأنظر بين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي ، فأعرف أمتي من بين الأمم " . فقال له رجل : يا رسول الله ، كيف تعرف أمتك من بين الأمم ما بين نوح إلى أمتك ؟ قال : " أعرفهم ، محجلون من أثر الوضوء ، ولا يكون لأحد من الأمم غيرهم ، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم بسيماهم ووجوههم ، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم وذريتهم " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا صفوان بن عمرو ، وحدثني سليم بن عامر ، قال : خرجنا على جنازة في باب دمشق ، ومعنا أبو أمامة الباهلي ، فلما صلي على الجنازة ، وأخذوا في دفنها ، قال أبو أمامة : أيها الناس ، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل ، تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر ، وهو هذا - يشير إلى القبر - بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق ، إلا ما وسع الله سبحانه ، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر الله ، فتبيض وجوه ، وتسود وجوه ، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر ، فيغشى الناس ظلمة شديدة ، ثم يقسم النور ، فيعطى المؤمن نورا ، ويترك الكافر والمنافق ، فلا يعطيان شيئا ، وهو المثل الذي ضربه الله تعالى في كتابه : ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور [ النور : 40 ] ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن ، كما لا يستضيء الأعمى [ ص: 87 ] ببصر البصير ، ويقول المنافقون للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا [ الحديد : 13 ] وهى خدعة الله ، سبحانه ، التي خدع بها المنافقين ، حيث قال تعالى : يخادعون الله وهو خادعهم [ النساء : 142 ] ، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور ، فلا يجدون شيئا ، فينصرفون إليهم ، وقد ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب [ الحديد : 13 ] الآية . يقول سليم بن عامر : فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ، ويميز الله بين المؤمن والمنافق .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا أبو حيوة ، حدثنا أرطاة بن المنذر ، حدثنا يوسف بن الحجاج ، عن أبي أمامة ، قال : تبعث ظلمة يوم القيامة ، فما من مؤمن ، ولا كافر ، يرى كفه حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين على قدر أعمالهم ، فيتبعهم المنافقون ، فيقولون : انظرونا نقتبس من نوركم .
وقال الحسن وقتادة ، في قوله تعالى : فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب [ الحديد : 13 ] . قالا : هو حائط بين الجنة والنار . وقال ابن أسلم " هو الذي قال الله تعالى : وبينهما حجاب [ الأعراف : 46 ] . وهذا هو الصحيح ، وما روي عن عبد الله بن عمرو ، وكعب [ ص: 88 ] الأحبار ، عن كتب الإسرائيلين ، أنه سور بيت المقدس . فضعيف جدا ، فإن كان أراد المتكلم بهذا ضرب مثال ، وتقريب المغيب بالمشاهد ، فقريب ، ولعله مرادهما . والله أعلم .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثني الربيع بن ثعلب ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن مطعم بن المقدام الصنعاني وغيره ، عن محمد بن واسع قال : كتب أبو الدرداء إلى سلمان : يا أخي ، إياك أن تجمع من الدنيا ما لا تؤدي شكره ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله عز وجل ، فيها ، وماله بين يديه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله : امض ، فقد أديت حق الله تعالى في " . قال : " ثم يجاء بصاحب الدنيا الذي لم يطع الله فيها ، وماله بين كتفيه كلما تكفأ به الصراط ، قال له ماله : ألا أديت حق الله تعالى في ؟ فلا يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور " .
وعن عبيد بن عمير أنه كان يقول : أيها الناس ، إنه جسر مجسور ، أعلاه دحض مزلة ، مر الأول فنجا ، ومر الآخر ، فناج ومخدوش ، والملائكة على جنبات الجسر يقولون : رب سلم سلم . قال : وإن الصراط مثل السيف ، على [ ص: 89 ] جسر جهنم ، وإن عليه كلاليب وحسكا ، والذي نفسي بيده ، إن تلك الكلاليب والحسك لأعرف بالمارين عليها ومن تأخذه منهم ومن تخدشه ، من الرجل بصاحبه وصديقه ، والذي نفسي بيده ، إنه ليؤخذ بالكلوب الواحد أكثر من ربيعة ومضر . رواه ابن أبي الدنيا .
وعن سعيد بن أبي هلال ، قال : بلغنا أن الصراط يوم القيامة ، وهو الجسر ، يكون على بعض الناس أدق من الشعر ، وبعض الناس مثل الوادي الواسع . رواه ابن أبي الدنيا ، وهذا الكلام صحيح إن شاء الله .
وقال غيره : بلغني أن الصراط إنما يراه أدق من الشعر ، وأحد من السيف الهالك الذي ليس بناج ، ويكون على بعض الناس أوسع من القاع والميدان المتسع ، يمضي عليه كيف شاء . وقال ابن أبي الدنيا أيضا : حدثنا الخليل بن عمرو ، حدثنا ابن السماك ، الواعظ الزاهد ، قال : بلغني أن الصراط ثلاثة آلاف سنة ؟ ألف سنة يصعد الناس عليه ، وألف يستوي الناس على ظهره ، وألف سنة يهبط الناس .
وقال آخر : من وسع على نفسه الصراط في الدنيا ، ضاق عليه صراط الآخرة ، ومن ضيق على نفسه الصراط في الدنيا ، اتسع له الصراط في الآخرة .
وقال أيضا : حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا شريك ، عن أبي قتادة ، عن [ ص: 90 ] سالم بن أبي الجعد ، قال : إن لجهنم ثلاث قناطر ; قنطرة عليها الأمانة ، وقنطرة عليها الرحم ، وقنطرة الله عليها ، وهى المرصاد ، فمن نجا من هاتين لم ينج من هذه . ثم قرأ : إن ربك لبالمرصاد [ الفجر : 14 ] .
وقال عبيد الله بن العيزار : يمد الصراط يوم القيامة بين الأمانة والرحم ، وينادي مناد : ألا من أدى الأمانة ، ووصل الرحم فليمض آمنا غير خائف . رواه ابن أبي الدنيا .
وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة الفضيل بن عياض قال : بلغني أن الصراط مسيرة خمسة عشر ألف سنة ، خمسة آلاف صعود ، وخمسة آلاف استواء على ظهره ، وخمسة نزول ، وهو أدق من الشعر ، وأحد من السيف ، على متن جهنم ، لا يجوزه إلا كل ضامر مهزول من خشية الله ، سبحانه . ثم يبكي الفضيل ، رحمه الله .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن إدريس ، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن أخيه زيد بن سلام ، أنه سمع أبا سلام ، حدثني عبد الرحمن ، حدثني رجل من كندة ، قال : دخلت على عائشة ، وبيني وبينها حجاب ، فقلت : إن في نفسي حاجة لم أجد أحدا يشفيني منها . فقالت : ممن أنت ؟ قلت : من كندة . قالت : من أي الأجناد أنت ؟ قلت : من أهل حمص . قالت : ماذا حاجتك ؟ قلت : أحدثك رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تأتي عليه [ ص: 91 ] ساعة يوم القيامة لا يملك لأحد فيها شفاعة ؟ قالت : نعم ، لقد سألته عن هذا ، وأنا وهو في شعار واحد ، فقال : " نعم ، حين يوضع الصراط لا أملك لأحد شيئا حتى أعلم أين يسلك بي ، وحين تبيض وجوه وتسود وجوه ، حتى أنظر ما يفعل بي ، وعند الجسر حتى يستحد ويستحر " . قلت : وما يستحد ويستحر ؟ قال : " يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف ، ويستحر حتى يكون مثل الجمرة ، فأما المؤمن فيجيز لا يضره ، وأما المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ أوسطه حز في قدميه ، فيهوي بيديه إلى قدميه " ، قال : " هل رأيت من يسعى حافيا فتأخذه شوكة حتى تكاد تنفذ قدميه ؟ فإنه كذلك يهوي بيديه ورأسه إلى قدميه ، فتضربه الزبانية بخطاف في ناصيته وقدميه ، فيقذف به في جهنم يهوي فيها مقدار خمسين عاما " . فقلت : ما يثقل الرجل ! قالت : بل يثقل ثقل عشر خلفات سمان ، فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام [ الرحمن : 41 ] ، غريب